صحيح أن بإمكاننا تتبع تاريخ ألعاب الهايبر كاجوال HyperCasual وتقصّي آثار تطورها من أنواع ألعاب أخرى تعود لثمانينات وتسعينات القرن الماضي، لكن الحقيقة الواضحة هي أن ألعاب الهايبر كاجوال هي وليدة عصر الهواتف الذكية بعد أن أصبح سعرها معقولاً وباتت بين أيدي الجميع.
ألعاب الهايبر كاجوال هي – ببساطة – ألعاب الناس العاديين الذين لا يعتبرون أنفسهم لاعبين شغوفين. فقبل ظهور الهواتف الذكية، كانت هناك مجتمعات عديدة للاعبين، وكان هؤلاء اللاعبون يكرّسون قدرًا كبيرًا من المال وكمًا أكبر من الوقت في اللعب، إما على حواسيبهم “الحديثة” أو على الأجهزة المخصصة للعب مثل بلايستيشن وإكس بوكس. أما بقية الناس، فقد اختاروا اهتمامات أخرى ليقضوا أوقاتهم في أدائها. لكن بعد أن أصبحت الهواتف الذكية في جيوب معظم الناس، بدأ سوق ألعاب الهاتف يتطور تدريجيًا لينتقل من مجرّد نسخ لألعاب الحاسوب وأجهزة اللعب إلى نوع مستقل بالكامل، يستهدف الأشخاص العاديين الذين يريدون الترويح عن أنفسهم لبضعة دقائق أثناء العمل أو الدراسة، أو الذين يريدون بعض التسلية أثناء انتظارهم في عيادة الطبيب أو في الحافلة. فما هي الخصائص التي تميّز ألعاب الهايبر كاجوال عن غيرها من الألعاب؟
تقنية سهلة مع تصميم بسيط
قد يكون أكثر شيء مميز في ألعاب الهايبر كاجوال HyperCasual – وأكثر شيء يفاجئ اللاعبين الشغوفين – هو بساطة التصميم، فمعظم الألعاب العادية تتباهى بتعقيد تصميمها واحتوائها على عشرات العناصر المختلفة لإرضاء لاعبيها. لكن لأن ألعاب الهايبر كاجوال قد اخترقت حاجز “تصميم الألعاب للاعبين الشغوفين” واستهدفت الجمهور العام بمختلف اهتماماته وأهوائه. ولهذا، اختار المطورون تصميمها بفكرة الحد الأدنى أو التقليلية (minimalism)، والتي تعني أن يكون هناك أقل عدد ممكن من العناصر المرئية أو التحكمية على الشاشة. وعدا عن أن هذا جعل منها جذابة أكثر للصغار والكبار على حد سواء، فقد أتاح أيضًا دمج خاصية “التقنية البسيطة للّعب”، فلا تتطلّب معظم ألعاب الهايبر كاجوال سوى زر تحكم واحد.
لعب فوري وقابلية لعب مستمرة
كما تتميز ألعاب الهايبر كاجوال HyperCasual بإمكانية لعبها المباشر دون الحاجة لقراءة دليل لعبة أو تجربة العديد من الأزرار لفهم ما يفعله كل واحد منها. فأسلوب لعبها سهل جدًا لدرجة أن الوقت بين تحميلها من متاجر التطبيقات وحتى الانغماس في لعبها لا يتعدى 10 إلى 20 ثانية. وإضافة إلى ذلك، ألعاب الهايبر كاجوال الناجحة قد صُممت بطريقة تجعل اللاعبين يعودون إليها ويلعبونها باستمرار من دون الشعور بالضجر أو التكرارية. هذا الأسلوب المبتكر عند برمجة اللعبة هو أحد أسباب تصدّر هذا النوع قوائم الألعاب والتطبيقات بشكل عام في غوغل بلاي وبلاي ستور.
التعلّق باللعبة والاندماج في تجربة لعب ممتعة
الألعاب بشكل عام تسعى إلى منح اللاعب تجربة مثيرة ومشوّقة، بحيث تتحدى قدراته ومهاراته من جهة، وتكافئه عند اجتياز مرحلة أو الفوز على خصم ما. وينتج هذا من خلال تحفيز دماغ اللاعب على إفراز مادة الدوبامين التي تمنحه شعورًا بالسعادة والنشوة عند الفوز. وهنا تتفوق ألعاب الهايبر كاجوال على أخواتها، فتركيزها على مكافأة لاعبيها بشكل متكرر وسريع خلال الجلسة الواحدة هو الذي يدفع الناس إلى التعلّق بها بشدة والانتقال إلى عالمها حالما يبدؤون لعبها.
جلسات لعب سريعة لا تتطلب وقتًا طويلاً
مع أن هذه الألعاب تعطي اللاعبين شعورًا بالغبطة والسعادة والرغبة الشديدة للّعب أكثر، إلا أن أجمل ما فيها، وما يدفع معظم الناس إلى حبّها، هو أنها تقدّم مراحل يمكن اجتيازها بفترة قصيرة، كما أن بإمكان اللاعبين إغلاقها في أي وقت. هذا أحد الاختلافات الأساسية عن الألعاب التقليدية التي تجبر اللاعبين على تنظيم جدولهم بحسب الوقت الذي يريدون اللعب فيه، فألعاب الهايبر كاجوال تتيح لكل أحد فرصة اللعب السريع الذي لا يتجاوز دقيقة في بعض الأحيان، أو ساعات في أحيان أخرى.
سرعة التطوير
لأنها تمتاز ببساطة التصميم وسهولة اللعب، لا يجد مطورو ألعاب الهايبر كاجوال الصعوبة التي يواجهها مطورو الألعاب الأخرى في مرحلة التصميم. فحالما تنتهي جلسة التفكير وتحديد الهيكل الخارجي لشكل اللعبة، لا يستغرق المطورون أكثر من بضعة أسابيع لإطلاق اللعبة في متاجر التطبيقات.
مستقبل ألعاب الهايبر كاجوال
مع أننا قد تجاوزنا مرحلة نشوء هذا النوع، إلا أننا لا نزال في مرحلة نموّه وتطوره، ويبدو أن في جعبة المستقبل المزيد من النجاح. قيمة سوق ألعاب الهايبر كاجوال تُقدّر بما بين 2 و2.5 مليار دولار في 2019، بعد أن حققت ازديادًا لا مثيل له في عدد التنزيلات في عام 2018، والذي بلغ أكثر من 200% بمعدّل سنوي. عدا عن أن إيراداتها من الشراء من داخل التطبيق (In-app Purchase, IAP) قد نمت بمعدل 340%. تشير هذه المؤشرات إلى أن مستقبل ألعاب الهايبر كاجوال HyperCasual واعد ومشرق، وستصل قيمة سوقها إلى حوالي 4 مليارات دولار في الأعوام الخمسة القادمة.
